تسبب ارتفاع تكلفة المعيشة والإيجارات السكنية بدولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي في تسرب العمالة الماهرة من شركات البناء والتشييد الأمر الذي يمثل "صداعاً" في رؤوس مسؤولي الشركات العاملة بالمنطقة الذين يحرصون على الاحتفاظ بالمدربين والمهرة.
وأدى معدل التضخم المرتفع إلى اعتبار زيادة الرواتب والأجور ضرورة لتغطية تكاليف المعيشة التي بلغت مستويات قياسية خلال الشهور الماضية والإيجارات التي تضاعفت في دولة الإمارات وقطر خلال العامين الماضيين، الأمر الذي دفع الشركات لتقديم إغراءات لم تكن تقدمها من قبل، مع محدودية أصحاب المؤهلات والخبرات خاصة مع دخول عمالة وافدة جديدة بحجم كبير.
ظاهرة خليجية
ولا تقتصر هذه الظاهرة على دبي التي تسجل معدلات نمو قياسية في مجال التشييد، بل في أنحاء الخليج، حيث استطاع العاملون في قطاع البناء أن يجدوا وظائف لدى من يدفع أكثر واختار كثيرون منهم تغيير الوظيفة والشركة, ويشعر بأكثر الضرر من ذلك شركات المقاولات، التي غالباً ما تعرض رواتب أقل من الشركات الاستشارية والمطورة.
وقال مقاول في شركة دولية تعمل في دبي, بحسب ما نشرته جريدة "البيان" الإماراتية الأحد 22-10-2006 إن الطبقة المتوسطة هي التي تعاني في الغالب، فالعمال يحصلون على إعاشة وكبار الموظفين يحصلون على بدل سكن, مشيراً إلى أن الحياة ستكون صعبة خلال الـ 12 شهراً المقبلة، لكن الأمور سوف توازن نفسها في النهاية.
كثير من العاملين تركوا شركات المقاولات إلى الشركات الاستشارية سعياً وراء رواتب أعلى، وفي كثير من الأحيان لا يتمتع هؤلاء بالكفاءة الكافية
مقاول
وذكر آخر أن كثيراً من العاملين تركوا شركات المقاولات إلى الشركات الاستشارية سعياً وراء رواتب أعلى، وفي كثير من الأحيان لا يتمتع هؤلاء بالكفاءة الكافية, مشيراً إلى أن هذه الشركات لا تعرف من الذي توظفه.
ومن جهتها, تقر الشركات الاستشارية بصعوبة في الحصول على العمالة, فالشركات من هذا النوع شعرت بالسعادة خلال السنوات الماضية في اصطياد المهارات الفنية والإدارية لشركات التطوير الجديدة، لكن الحوافز لذلك كانت مكلفة.
وقال أحد مستشاري التوظيف إن شركات التطوير تحاول تحقيق "المستحيل" بشأن التكلفة ومواعيد التسليم، ويكون العبء والضغط على العاملين في المشروع هائلاً، موضحاً أن الذين ينتقلون من الشركات الاستشارية إلى شركات التطوير يحصلون على رواتب أعلى بنسبة 7 ـ 12% في المتوسط، و"الكل يريد أن يصعد إلى القمة والفرصة لا تأتي إلا مرة واحدة، لذلك يحتمل جداً أن يستغلها من يجدها".
وعلى صعيد متصل, توجد توقعات أن الوضع الحالي لن يستمر إلى الأبد فسوف تصل الرواتب إلى أعلى مستوياتها وسوف تصحح السوق نفسها، وسوف يكون الاختيار الذي يواجه الشركات الاستشارية والمقاولين والمطورين خلال العام المقبل هو كيفية تهدئة المخاوف بشأن التكلفة والجودة.