النشرة ليوم 11/09/2006
نشيد لخراب العالم
العرض : النشيد (لبنان)
كرسيان وطاولة ، منزل بلا جدران ، أعمدته متداعية ، إضاءة خافتة لاتدل ولاتبين شيئاً ، لأنه ليس هناك مايستحق أن يري علي خشبة المسرح ، سوي تابوت في اليسار العميق ، تدق الساعة:
- صارت أربعة
تقول راندا مستدعية زوجها «فوزي»ربحها الوحيد هذا العالم الخالي من أي ربح فالخسارات تتلاحق ، ولاشيء يعين سوي المساعدات المقدمة من «البلدية ، الصليب الأحمر ، والتليفزيون». يعتمد العرض بالأساس علي الممثلين الرئيسيين «راندا - فوزي» الزوجين وحواراتهما المتبادلة التي تخلق حالة من الخراب الذي امتد إلي داخل النفوس ، فالخوف يسيطر علي فوزي الذي مع تتالي الأيام صار يعتمد بشكل أساسي علي المساعدات المقدمة إليه من الجهات المختلفة تلك المساعدات التي صارت تتحكم في إيقاع حياتهما ، فلا شيء يفعلانه كل صباح سوي الأعمال الروتينية التي تأتي إلينا عبر شاشة داخلية بإيقاع متلاحق نري خلالها لقطات لساعة وأنامل امرأة تسوي مفارش ، وترتب منزلاً.
في اليوم الأول تشكو الزوجة من الجيران الذين يتململون من عدم إلقاء الزوجين قمامتهما ، والمخرج الوحيد الذي تقترحه الزوجة أن يلقيا النشيد ، فربما يعفو الجيران عنهما ، يتحاور الممثلان ولاتزال هناك صلة من محبة بينهما وإن صارت مهددة.
مع فاصل موسيقي وإظلام يبدأ عرض الشاشة الخلفية لإعداد الزوجة ليوم جديد ، يستيقظ فوزي من التابوت الذي ينام فيه ، ليفاجأ بأن امرأته تخبره أنه شتمها ، يحس أنه لم يعد إلا جالبا الأحزان لها فقد تنبأ رجل بوليس له أنه إذا سكر سوف يشتم زوجته مثل هذا الرجل ، فالسلطة أيضاً تفرض سلوكياتها عليهما . في اليوم الثالث يضربها ، إن اسوأ ما في الدمار والخراب هو صناعة الوحدة ، لذلك يتمسك الزوجان ببعضهما ، رغم أن الانهيار لم يطل المباني فقط وإنما طال الذاكرة ، فلم تعد بينهما ذكريات مشتركة ، وإنما تمثيلات لما تفرضه عليهما الجهات المساعدة لهما ، كل ذلك رغم تهرب الزوج من إلقاء النشيد الذي يستسلم في النهاية ويستعد لإلقاء النشيد مع زوجته في النهاية.
العرض تخلي عن كثير من العناصر البصريةحتي أنه تخلي عن الحركة المسرحية سوي ماهو ضروري جداً واكتفي بالأداء الهائل للممثلين خاصة من قامت بدور راندا ، مع الاعتماد علي موسيقي تخلق التصاعد الدرامي فمن موسيقي حالمة في البداية ، إلي موسيقي هادرة ثم أشبه بالجنائزية ، وكأننا من خلال الموسيقي ندرك ما آلت إليه مصائر البشر ، داخل هذه الحلقة المفرغة من الخراب الذي طال النفوس ، في عالم يتصدع أمامنا بهدوء ومرارة وقسوة.
محمود حامد
نشيد لخراب العالم
العرض : النشيد (لبنان)
كرسيان وطاولة ، منزل بلا جدران ، أعمدته متداعية ، إضاءة خافتة لاتدل ولاتبين شيئاً ، لأنه ليس هناك مايستحق أن يري علي خشبة المسرح ، سوي تابوت في اليسار العميق ، تدق الساعة:
- صارت أربعة
تقول راندا مستدعية زوجها «فوزي»ربحها الوحيد هذا العالم الخالي من أي ربح فالخسارات تتلاحق ، ولاشيء يعين سوي المساعدات المقدمة من «البلدية ، الصليب الأحمر ، والتليفزيون». يعتمد العرض بالأساس علي الممثلين الرئيسيين «راندا - فوزي» الزوجين وحواراتهما المتبادلة التي تخلق حالة من الخراب الذي امتد إلي داخل النفوس ، فالخوف يسيطر علي فوزي الذي مع تتالي الأيام صار يعتمد بشكل أساسي علي المساعدات المقدمة إليه من الجهات المختلفة تلك المساعدات التي صارت تتحكم في إيقاع حياتهما ، فلا شيء يفعلانه كل صباح سوي الأعمال الروتينية التي تأتي إلينا عبر شاشة داخلية بإيقاع متلاحق نري خلالها لقطات لساعة وأنامل امرأة تسوي مفارش ، وترتب منزلاً.
في اليوم الأول تشكو الزوجة من الجيران الذين يتململون من عدم إلقاء الزوجين قمامتهما ، والمخرج الوحيد الذي تقترحه الزوجة أن يلقيا النشيد ، فربما يعفو الجيران عنهما ، يتحاور الممثلان ولاتزال هناك صلة من محبة بينهما وإن صارت مهددة.
مع فاصل موسيقي وإظلام يبدأ عرض الشاشة الخلفية لإعداد الزوجة ليوم جديد ، يستيقظ فوزي من التابوت الذي ينام فيه ، ليفاجأ بأن امرأته تخبره أنه شتمها ، يحس أنه لم يعد إلا جالبا الأحزان لها فقد تنبأ رجل بوليس له أنه إذا سكر سوف يشتم زوجته مثل هذا الرجل ، فالسلطة أيضاً تفرض سلوكياتها عليهما . في اليوم الثالث يضربها ، إن اسوأ ما في الدمار والخراب هو صناعة الوحدة ، لذلك يتمسك الزوجان ببعضهما ، رغم أن الانهيار لم يطل المباني فقط وإنما طال الذاكرة ، فلم تعد بينهما ذكريات مشتركة ، وإنما تمثيلات لما تفرضه عليهما الجهات المساعدة لهما ، كل ذلك رغم تهرب الزوج من إلقاء النشيد الذي يستسلم في النهاية ويستعد لإلقاء النشيد مع زوجته في النهاية.
العرض تخلي عن كثير من العناصر البصريةحتي أنه تخلي عن الحركة المسرحية سوي ماهو ضروري جداً واكتفي بالأداء الهائل للممثلين خاصة من قامت بدور راندا ، مع الاعتماد علي موسيقي تخلق التصاعد الدرامي فمن موسيقي حالمة في البداية ، إلي موسيقي هادرة ثم أشبه بالجنائزية ، وكأننا من خلال الموسيقي ندرك ما آلت إليه مصائر البشر ، داخل هذه الحلقة المفرغة من الخراب الذي طال النفوس ، في عالم يتصدع أمامنا بهدوء ومرارة وقسوة.
محمود حامد